responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 469
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى قُصِدَ إِخْفَاؤُهَا لِيُحَافِظَ النَّاسُ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَرَّفَهَا بِاللَّامِ وَوَصَفَهَا فَكَيْفَ يَكُونُ مَجْمُوعُ هَذَيْنِ الْمُعَرَّفَيْنِ غَيْرَ مَفْهُومٍ وَأَمَّا قِيَاسُ ذَلِكَ عَلَى سَاعَةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَفَاسِدٌ، لِأَنَّ كِلَيْهِمَا قَدْ ذُكِرَ بِطَرِيقِ الْإِبْهَامِ وَصَحَّتِ الْآثَارُ بِأَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ. هَذَا خُلَاصَةُ مَا يُعْرَضُ هُنَا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ أَمْرٌ بِالْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ بِخُضُوعٍ، فَالْقِيَامُ الْوُقُوفُ، وَهُوَ رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يُتْرَكُ إِلَّا لِعُذْرٍ، وَأَمَّا الْقُنُوتُ: فَهُوَ الْخُضُوعُ وَالْخُشُوعُ قَالَ تَعَالَى: وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ [التَّحْرِيم: 12] وَقَالَ: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً [النَّحْل: 120] وَسُمِّيَ بِهِ الدُّعَاءُ الْمَخْصُوصُ الَّذِي يُدْعَى بِهِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، عَلَى خِلَافٍ بَيْنَهُمْ، وَهُوَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ،
وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ «كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَيَرُدُّ عَلَيْنَا فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا وَقَالَ: إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا»
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: كَانَ الرَّجُلُ يُكَلِّمُ الرَّجُلَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ. فَلَيْسَ قانِتِينَ هُنَا بِمَعْنَى قَارِئِينَ دُعَاءَ الْقُنُوتِ، لِأَنَّ ذَلِكَ الدُّعَاءَ إِنَّمَا سُمِّيَ قُنُوتًا اسْتِرْوَاحًا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ الَّذِينَ فَسَّرُوا الْوُسْطَى بِصَلَاةِ الصُّبْحِ كَمَا
فِي حَدِيثِ أَنَسٍ «دَعَا النَّبِيءُ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ شَهْرًا وَذَلِكَ بَدْءُ الْقُنُوتِ وَمَا كُنَّا نقنت» .
[239]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 239]
فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)
تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ [الْبَقَرَة: 238] لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ حَالَةَ الْخَوْفِ لَا تَكُونُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَلَكِنَّهَا عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ لِلَّهِ قَانِتِينَ، فَأَفَادَ
هَذَا التَّفْرِيعُ غَرَضَيْنِ: أَحَدُهُمَا بِصَرِيحِ لَفْظِهِ، وَالْآخَرُ بِلَازِمِ مَعْنَاهُ.
وَالْخَوْفُ هُنَا خَوْفُ الْعَدُوِّ، وَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْحَرْبَ بِأَسْمَاءِ الْخَوْفِ فَيَقُولُونَ الرَّوْعُ وَيَقُولُونَ الْفَزَعُ، قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
وَتَحْمِلُنَا غَدَاةَ الرَّوْعِ جُرْدُ الْبَيْتِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 469
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست